منوعات

عراقيل تواجه الحكومة لتأمين بدائل لاستيراد القمح والمحروقات

خبير اقتصادي يُحذر من ارتفاع جنوني بالأسعار وفوضى اجتماعية وأمنية

يرتفع حجم المخاطر حيال دخول لبنان بسلسلة أزمات تهدد أمنه الغذائي بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية، مع تعذّر إيجاد مصادر بديلة لاستيراد المحروقات والمواد الغذائية الأساسية كالقمح والزيت ومخاوف من ارتفاع أسعارها بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً، ما سيزيد الأعباء المالية والاقتصادية والمعيشية اليومية على المواطنين الذين يكتوون أصلًا بنار الأزمات الداخلية المتعددة منذ عامين ونصف العام.
الأنظار مشدودة إلى الخطط التي تعدها الحكومة والإجراءات التي تنوي اتخاذها على صعيد مواجهة الأزمات للحفاظ على الأمن الغذائي للمواطن، وتوفير شبكة أمان وحماية اجتماعية للمواطن لا سيما الشرائح الشعبية الفقيرة تقيها موجة ارتفاع الأسعار والاحتكارات التي انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية والمرشح أن تتضاعف في الأيام المقبلة، ما يجعل المواطن متروك لمصيره ولكي “يقلع شوكه بيديه” وفريسة للتجار والمافيات التي تستغل الأزمات والحروب لتحقيق أرباح خيالية.

فكيف ستواجه الحكومة هذا الواقع في ظل امكاناتها المتواضعة والظروف الصعبة التي يعاني منها لبنان اصلاً؟
مصادر السراي الحكومي تشير لـ”أحوال” أن لدى الحكومة تصور لكيفية مواجهة الأزمات المستجدة التي تولدت بعد الحرب الروسية – الأوكرانية، وحماية الأمن الغذائي، وينصب تركيز الوزراء حالياً على تأمين مصادر أخرى لاستيراد للمواد الغذائية لا سيما السلع الأساسية كالقمح والزيت. كاشفة أن الوزراء سيعلنون تباعاً عن هذه البدائل.

وكشفت أيضاً أن مخزون القمح يكفي لبنان لمدة شهر ونصف الشهر، لا سيما إذا تمت إدارة توزيع هذه الكمية بطريقة مرشدة من قبل وزارة الاقتصاد وأصحاب الأفران. وشددت على أن دول عدة تشكل مصادر استيراد بديلة من ضمنها الولايات المتحدة الأميركية، لكن الإشكالية تكمن في المدة الزمنية التي تستغرقها استيراد بواخر القمح ومواد أخرى وكلفة النقل المرتفعة، ولذلك جرى اتفاق مبدئي على استيراد القمح من الهند ودول أخرى قريبة جغرافياً من لبنان، ولفتت الى أن الحكومة تستطيع تأمين البدائل لكن لا تستطيع ضبط ارتفاع أسعار هذه السلع بسبب الارتفاع العالمي لأسعار النفط والمواد الأولية.

أما لجهة أزمة المحروقات، فألمحت المصادر الى التوجه للدول العربية لسد النقص بالكميات المستوردة من روسيا والدول التي تأثرت بالحرب وأوقفت تصدير النفط. وأكدت بأن الحكومة ستتخذ إجراءات سريعة وحاسمة لضبط تجار الأزمات والمحتكرين للمواد الغذائية والمحروقات ووزارة الاقتصاد والطاقة والأجهزة الأمنية يقومون بدورهم من خلال المداهمات اليومية على “السوبرماركات” وشركات ومحطات الوقود واجبارهم على بيع ما لديهم من المواد الغذائية والمخزون من المحروقات قبل صدور جدول الأسعار الجديد الذي سيتأثر حكماً بارتفاع أسعار النفط عالمياً.

في المقابل يرى خبير اقتصادي بأن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة وتعتزم تنفيذها بأنها غير كافية ولا تشكل سفينة نجاة للمواطنين الذي سيواجهون أزمة قاسية لا سيما وأن أي معالجة تتطلب شهور ولا ضمانات بتأمين بدائل في ظل الأزمة المالية والنقدية في لبنان.

ويعدد الخبير عبر “أحوال” إشكاليات عدة تعترض الحكومة في تأمين البدائل وضبط الأسعار:

-المدة الزمنية اللازمة للاستيراد وكلفة النقل المرتفعة والحصار الاقتصادي – السياسي الذي يتعرض له لبنان

-تخزين المواد الغذائية الذي لجأ اليه التجار والمواطنون بكثافة منذ أسبوعين حتى الآن خاصة الطحين والزيت خوفًا من فقدان هذه المواد

-احتكار التجار الذي لن تستطع الحكومة ضبطه لوجود “مافيات” داخل السلطة نفسها

ويتوقع الخبير الاقتصادي أن تطول الحرب الروسية – الأوكرانية لمدة أربع شهور وأكثر، ما سيُفاقم الأوضاع في لبنان. ويُحذّر من أن عدم معالجة الأزمة بشكل سريع سيُفجر أزمة اجتماعية وفوضى كبيرة في الشارع وستجتاح عمليات السرقة المتاجر والمستودعات والمحطات والمنازل ما سيشجع الأمن الذاتي.

ويلفت الخبير الى أن الضغط سيزيد على مصرف لبنان لاستيراد المحروقات والمواد الغذائية.. فالمركزي يستطيع الموافقة على طلبات الاعتمادات للبواخر الراسية على البحر الآن (الوقود والمواد الغذائية) والتي تكفي لشهر ونصف، لكن كيف يستطيع تأمين الدولارات للأشهر المقبلة في ظل ارتفاع في الأسعار العالمية من جهة ونقص الاحتياطات لدى “المركزي” من جهة ثانية، وهو (مصرف لبنان) الذي يستخدم جزءًا من هذا الاحتياط لضبط سعر صرف الدولار في السوق السوداء؟ ويضيف المرجع: ماذا لو لم يستطع “المركزي” ضخ السيولة اللازمة بالدولار؟ هل يحتمل البلد ارتفاع سعر الصرف الى 30 ألف ليرة مع ارتفاع أسعار النفط العالمية؟

وفي هذا السياق تحمل مصادر سياسية الحكومة مسؤولية تبعات انحيازها لصالح أوكرانيا ضد روسيا أكان في بيان وزارة الخارجية أو موقف لبنان في الأمم المتحدة، ما سيرتب مشاكل إضافية في العلاقة مع روسيا على المستويين السياسي والاقتصادي.

ويصف الخبير المذكور أعلاه المداهمة التي تقوم بها وزارات وأجهزة الدولة بـ”الاستعراضية”، لا سيما وأن الوزارات المختصة والأجهزة الأمنية يعرفون أن معظم المحطات لديها المخزون الكافي لتلبية الزبائن من الوقود وكذلك “السوبرماركات” والمتاجر التي خبأت مخزونها في المستودعات طمعاً بربح وفير.

وتساءل: لماذا لا يبدأ تطبيق قانون المنافسة وإلغاء حصر الوكالات الذي أُقر في مجلس النواب مؤخراً، على محطات الوقود لكسر الاحتكارات وضبط الأسعار وتجنب عودة مشهد طوابير السيارات؟ ولماذا يُفرض شرط تعجيزي بوضع خزان على الشاطئ على من يريد الحصول على وكالة استيراد المحروقات؟ ما يعني تغطية شفافة وواضحة للـ”كارتيلات” القابضة على استيراد النفط.

ويرى الخبير بألا سقف لأسعار الوقود والمواد الغذائية في ظل إمكانات الدولة وتحكم المحتكرين في الأسواق.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى